
هذا النص يهدف إلى الإسهام في توضيحات آمل أن تكون مفيدة، خاصة الآن وقد تمّ الإقرار بأن الصراعات حول السيطرة على الحزب، خلال حراك فبراير 9102، كانت تُخاض بذريعة خلافات سياسية. سواء كانت هذه الخلافات حقيقية أو مُختلقة لاحقًا لأغراض نفعية، فإن ذلك لا يُغيّر شيئًا.
بعض هذه الخلافات تتعلق بالتوجه الاستراتيجي للحزب بعد مؤتمره الثالث، وبعضها الآخر نابع من مواقف تكتيكية أو حتى انتهازية.
الهدف هو المساهمة في رفع اللبس، مصدر بروز الرداءة والانتهازية. وهذا ما يسعى إليه أيضًا أحد مناضلي الحزب السابقين وأحد إطاراته، والذي شنّ هجومًا علنيًا ضد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في مداخلة له على وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 21 ماي 5202.
في هذا النص، وبغرض المنهجية، سأتناول فقط الفترة التي كنت فيها امينا وطنيًا مكلفًا بالتنسيق (وهي المهمة التي انتهت خلال المؤتمر السادس للحزب في جوان2202) والفترة التي سبقتها.
المنصة من أجل التغيير في الجزائر بتاريخ 51مارس 9102
لقد تحوّلت توقيع هذه المنصة من طرف الرئيس السابق للحزب إلى ما يشبه الفزّاعة في نظر مناهضي توجه الحزب، وصارت تُقدَّم كخيانة عظمى من قبل ما يشبه محكمة نخبوية.
وإذ أرفض ممارسة النقد الذاتي الستاليني الذي كان يُمارس في اللجان الحزبية ، فإنني أتحمل شخصيًا مسؤولية مضمون هذا النص، وصوابيته في السياق الذي وُلد فيه، وراهنيته المُلِحّة، وامتداده الطبيعي في توجه الحزب، الذي تجسّد في منصة الانتقال المُعتمدة خلال ندوة مزافران بتاريخ 10 جوان 4102، بمبادرة من التنسيقية الوطنية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي (DTLNC).
وبالتالي، فأنا لا أخفي موقفي، بل أزيد من « حصة الذنب » في نظر من يبحثون عن « جثة في الخزانة ».
حول مضمون المنصة
يتضمن هذا النص ثلاثة محاور:
السياق العام لانتفاضة 9102، حيث كانت المطالبة بـ « جزائر حرّة وديمقراطية » الشعار الرئيسي للمظاهرات عبر الوطن؛
الأهداف المنشودة، مثل: سيادة البلاد، وحق المواطنين في العيش بحرية وكرامة، والاقتراع العام كوسيلة وحيدة لاختيار القادة والبرامج السياسية، وضمان الحريات الفردية والجماعية، والرقابة الديمقراطية الفعلية على القوات المسلحة وأجهزة الأمن؛
خارطة الطريق، وتشمل: استقالة رئيس الدولة في نهاية عهدته يوم 72 أفريل 9102، استقالة الحكومة، وحل الغرفتين. وأخيرًا، تأسيس رئاسة جماعية، وفتح المجال أمام تنظيم مرحلة انتقالية من خلال نقاش وطني شامل (مسار تأسيسي).
وحسب علمي، وإلى اليوم، لم يوجّه أحد أي انتقاد لمحتوى هذا النص الذي نُشر علنًا.
حول المنهجية
هل توقيع مراد دهينة على هذا النص إلى جانب نشطاء آخرين، من بينهم الرئيس السابق للحزب، خلال تلك المرحلة، يختلف عن مشاركة الإسلاميين في ندوة مزافران؟
أُذكّر هنا أن جميع إطارات ومناضلي الحزب، بمن فيهم رئيسه آنذاك، وافقوا على وثائق ندوة مزافران، مثلما فعل علي بلحاج وكمال قمازي.
فما الذي تغيّر إذن، حتى يتم بعد خمس سنوات من هذا الحدث المفصلي، إصدار قرار بمنع مناضلي الحزب من التوقيع إلى جانب قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ السابقة، على نصّ يدعو لاحترام الحريات وحقوق الإنسان، وفتح الساحة السياسية والإعلامية، وتنظيم مرحلة انتقالية يُمنح فيها الشعب الكلمة في إطار مسار تُحدده مجمل القوى السياسية في البلاد، ويُكرّس رقابة ديمقراطية على المؤسسات الأمنية؟
سيكون من المفيد للجميع إعادة قراءة خارطة طريق الحزب التي تم عرضها في ندوة صحفية يوم 72 مارس 9102. إن التوجه نحو انتقال ديمقراطي ما زال وسيظل البوصلة الاستراتيجية لسياسة الحزب حتى انعقاد مؤتمره المقبل.
أما الجوانب التكتيكية لتنفيذ هذا الانتقال، فإنها غالبًا ما ترتبط بالسياق السياسي الموضوعي، على الصعيدين الوطني والدولي.
ويجب أن يظل بناء تكتل ديمقراطي (كعنصر ذاتي في المعادلة السياسية) ثابتًا لضمان وزن حقيقي للقوى الديمقراطية خلال أي مفاوضات حول المرحلة الانتقالية، حين تتوفر الشروط الموضوعية لذلك، كما حدث سنة 9102.
وأعتقد أنه يمكن تنظيم نقاش نافع حول هذا البناء دون إملاءات.
ويطرح السؤال نفسه: هل يمكن لانتقال ديمقراطي أن ينجح دون المرور عبر مسار الحقيقة والعدالة حول المجازر والاغتيالات والاختفاءات القسرية التي وقعت في تسعينيات القرن الماضي؟ الجواب: لا.
وللتذكير، فإن ما يسمى « ميثاق السلم والمصالحة الوطنية »، الذي فُرض عبر استفتاء يوم 90سبتمبر 5002من قبل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، هو من جرّم أي محاولة للبحث عن الحقيقة بخصوص مأساة التسعينيات. وقد أدان الحزب هذا النص في بيان صادر في سبتمبر 5002، معتبرا أنه يُكرّس النسيان ويشوّه الذاكرة الجماعية، ويزرع بذور نزاعات مستقبلية.
وقد جاء في لائحة المجلس الوطني للحزب بتاريخ 8 جويلية 5002ما يلي: «في حالة بلادنا، كان من المفترض أن يتحمل المسؤولون السياسيون، الجديرون بهذا الاسم، مسؤولياتهم في ترسيخ المكاسب الديمقراطية التي انتزعها الشعب، وتكريم مقاومة مواطنية استثنائية، وتحمل الانتهاكات التي ارتكبها أعوان الدولة أمام أوضاع لا تحتمل وسابقة من نوعها».
وقد تم الدفاع عن هذا الخط « الحقيقة والعدالة » بشكل واسع في مجلة تافسوت التي كنّا نصدرها في تلك المرحلة.
المسألة ليست أخلاقية فقط. ففي جنوب إفريقيا، حيث كان السود ضحية نظام عنصري لأكثر من أربعين سنة، ارتكبت خلالها آلاف الجرائم والانتهاكات، اختار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، بعد تردد، عدم اللجوء إلى عفو عام، بل إلى عفو مشروط من خلال لجان « الحقيقة والعدالة ».
إن بناء ذاكرة الصراعات هو السبيل الوحيد لتفادي تكرارها. وهذا الأمر يزداد إلحاحًا اليوم، لأن الشهود والفاعلين في تلك المأساة قد تجاوزوا الأربعين من العمر.
إن العمل من أجل جزائر هادئة، ديمقراطية واجتماعية، يتطلب من الجميع مجهودًا جادًا، بعيدًا عن الشعارات الفارغة، لاسترجاع ذاكرة البلاد، لأن التوق إلى الحرية والعدالة ظل دومًا بوصلة نضالات شعبنا.
رفض الانسحاب من البرلمان سنة 9102
النواب الذين استقالوا من المجلس الشعبي الوطني في أكتوبر 9102، أي بعد ثمانية أشهر من بداية الحراك، لم يكونوا أول من انتهج هذا المسار، فقد سبقهم آخرون منذ أفريل 9102.
لا أنوي مناقشة الدوافع التي تم تقديمها في مداخلة 21 ماي 5202، غير أن من المعروف أن عدّة استقالات وقعت بعد اجتماع 03مارس 9102الشهير.
ولا يمكنني التوسّع في ملابسات هذا الاجتماع، ولا في تبعاته، لأسباب ظرفية واضحة، خاصة وأن العدالة فصلت مرتين في هذا الملف.
الخطة التي وُضعت آنذاك كانت تهدف إلى احتواء الأزمة من خلال برلمان جديد، لإنقاذ رئاسة بوتفليقة.
ومن ثمّ، أصبح من البديهي أن الانسحاب من البرلمان كان وسيلة لحملة انتخابية فعّالة، تسمح بالترويج لصورة « المعارض الأول ».
لكن التحول المفاجئ لعدد من الفاعلين السياسيين إلى المطالبة بانتخاب جمعية تأسيسية يبقى مستغربًا، خاصة وأنهم كانوا يعتبرون أن مثل هذه الانتخابات ستُسفر حتمًا عن أغلبية إسلامية. والخطر فعليّ بالفعل.
بالنسبة للحزب، الذي لم يتبنّ هذا الطرح (انظر خارطة طريقنا)، فإن المسار التأسيسي لا يمكن أن يبدأ بانتخابات من هذا النوع، من دون استيفاء شروط مسبقة تتعلق بحرية الضمير، وفصل الدين عن السياسة (العلمانية)، والحريات الأساسية، واللغة، وآليات الوصول إلى السلطة والتداول الديمقراطي.
هذه الشروط لا يمكن أن تُوكل إلى جمعية يُحتمل أن يسيطر عليها الإسلاميون وحلفاؤهم المحافظون.
مهمتنا هي أن نُمارس الضغط لضمان هذه الحريات وشروط التداول الديمقراطي، قبل أي انتخابات. وهذا هو جوهر مبادرة الميثاق من أجل البديل الديمقراطي .
حول مسألة « مجموعة الضغط »
عبّر كاتب المداخلة عن استنكاره لاستخدام قيادة الحزب، آنذاك، لعبارة « مجموعة ضغط » في أحد بياناتها، لتبرير توجهها وسط ظروف شديدة الصعوبة.
للتذكير، جاء في بيان الحزب بتاريخ 81 أكتوبر 9102ما يلي: «الحزب يتعرض لمحاولة زعزعة من طرف من يرون فيه مجرد مجموعة ضغط».
خلال المؤتمر الرابع للحزب، طُرحت مسألة تغيير التسمية، وهي مسألة أدت إلى انقسام بين المؤتمرين.
كان أنصار التغيير يرون أنه حان الوقت للانتقال إلى مرحلة جديدة تُوحّد التقدميين على المستوى الوطني، واقترحوا تسمية جديدة هي « التقدميون ».
عمليًا، كان التغيير يعني التحول من حزب يُمارس الضغط على السلطة إلى حزب يطمح إلى ممارسة السلطة.
الرافضون لهذا المقترح (وهم الأغلبية) اعتبروا أنه كان من الضروري طرح هذا النقاش في المؤتمرات التحضيرية، علماً أن الخلاف لم يكن جوهريًا في المضمون.
وبصفتي رئيس المؤتمر، حاولت بعد رفض المقترح، أن يتم تبني لائحة لاستكمال النقاش في هدوء داخل الهيئات الجديدة للحزب. دون جدوى. فالبعض شعر بالإحباط من « الهزيمة »، والبعض الآخر شعر بالنشوة بـ « الانتصار » وأراد أن يحتفظ بكامل الحرية طيلة العهدة الجديدة.
أعتقد أن حراك 9102وشعبية الحزب في الشارع آنذاك، فتحت أمامنا فرصة حقيقية للتحول إلى حزب وطني بكل معنى الكلمة، دون التفريط في معاقلنا التقليدية.
لا يمكن أن نتقدم بقناعات « حسب الطلب ». هدفنا المشترك هو بناء أداة قادرة على التأثير المستدام في مجرى الأحداث.
ومهما يكن، فإن التقرير الأدبي والسياسي لتلك المرحلة صادق عليه المؤتمر السادس للحزب، المنعقد في جوان 9102، دون أي تحفظ.
لا يمكنني إنهاء هذه المساهمة دون إدانة الهجمات التي يتعرض لها عثمان مزوز، بصفته رئيسًا للحزب.
إن الهيئة الرئاسية للحزب لا تخضع سوى لرقابة مناضلي الحزب عبر الهياكل التنظيمية للتجمع، وعلى رأسها المجلس الوطني، في انتظار انعقاد المؤتمر النظامي.
ورغم ذلك، فإن أصحاب هذه الهجومات يدركون أن الشتائم والاتهامات الشخصية الصادرة من خارج الحزب تؤدي تلقائيًا إلى تقوية « روح الحزب » لدى المناضلين، وتدفعهم إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية.
وفي النهاية، يبدو أن الهدف لم يكن أبدًا « تصحيحًا » أو « استرجاعًا »، بل التشكيك والتفكيك لفتح المجال… لكن لِمَن؟ هذا هو السؤال.
سؤال تزداد وجاهته في لحظة لم يعد فيها التهديد بالتعددية الحزبية مجرد فرضية.
فالقانون الجديد للأحزاب، عند صدوره، سيفرض شروطًا يصعب تجاوزها بالنسبة لأي تنظيم يطمح إلى الاستقلال أو يريد الحفاظ عليه.
هذه مساهمتي لتوضيح بعض النقاط، لأولئك الذين يطرحون الأسئلة بصدق. وليس في نيّتي إطلاقًا الخوض في أي جدل، بل الاكتفاء بتذكير بوقائع قابلة للتحقق.
الجزائر، 72ماي 5202
وعمر سعودي
الأمين الوطني السابق للتنسيق بحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية

RCD Algérie
Le RCD tire ses fondements des luttes du peuple algérien pour sa liberté et du combat des générations post indépendance pour le progrès, la justice et la démocratie. Il est la confluence de l’action et des idéaux de la révolution algérienne formalisée dans la plateforme du congrès de la Soummam et des aspirations à l’universalité et la souveraineté de notre peuple.
Fondé en 1989 par des militants qui ont porté la contestation des fondements identitaires imposés à la Nation, en particuliers la négation de la langue Amazigh et sa dimension historique et culturelle, des défenseurs des droits de l’homme et des syndicalistes, le RCD aspire et milite pour une société de liberté, d’égalité en droits entre tous les citoyens et de solidarité. Le RCD se positionne sur l’échiquier de la sociale démocratie.
C’est de cette histoire que découle nos convictions que ce projet de société se cristallise dans une République symbolisée par un Etat qui :
Protège la liberté de conscience et proscrit l’utilisation de la religion dans la compétition politique, c'est-à-dire la laïcité de l’Etat ;
Garanti les libertés individuelles et collectives, les droits de l’homme et l’égalité entre les citoyens indépendamment de leur langue maternelle ou de leur sexe ;
Promeut toutes les composantes de l’identité algérienne et érige la langue amazigh en tant que langue officielle aux côtés de la langue arabe ;
Consacre la région comme pôle de développement et de régulation et espace d’expression de la démocratie locale ;
Libère l’initiative privée pour l’innovation et le progrès ;
Donne une réalité à l’égalité des chances et la protection sociale par une politique juste de redistribution des ressources et des richesses ;
Organise l’alternance au pouvoir par des élections à tous les niveaux sous la responsabilité d’un organe permanent et indépendant du pouvoir exécutif.
Dans un monde globalisé dans son fonctionnement économique et face aux menaces stratégiques qu’il risque de subir dont l’éventualité d’une crise écologique, le RCD milite pour l’instauration de la paix, l’intégration dans l’espace nord-africain et un modèle de développement durable.