اجتمعت الأمانة الوطنية للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بالجزائر العاصمة، يوم الجمعة 51 أوت 5202، حيث استمعت وناقشت التقارير التي قدمتها لجنتان : الأولى حول الجامعة الصيفية التي سينظمها الحزب عند الدخول الاجتماعي، والثانية حول الانتخابات.
تحيي الأمانة الوطنية التقدّمات الملحوظة المسجلة في التحضيرات الخاصة بالجامعة الصيفية، وكذا نوعية النقاش الذي بادرت به اللجنة المكلفة بالانتخابات. إن هذه الأشغال، المنجزة بجدية ومنهجية، ينبغي أن تحظى بدعم كافة الهياكل والمناضلين. كما تُصر الأمانة على ضرورة تضافر جهود الجميع حتى تكون الجامعة الصيفية حدثًا سياسيًا، فكريًا وتنظيميًا بارزًا في حياة الحزب. وينبغي أن تشكّل هذه المحطة فضاءً للتكوين والنقاش المفتوح والاستشراف نحو المستقبل، وفيةً للروح النقدية والبنّاءة التي كانت دائمًا مصدر إلهام لحزبنا.
ومع اقتراب 02 أوت، ذكرى مؤتمر الصومام، يدعو الأرسيدي إلى استحضار روح ورسالة نداء 02 أوت 6591: توحيد القوى الحيّة لانتزاع سيادة الشعب وبناء دولة القانون على أسس راسخة، عصرية وديمقراطية.
في بلد عالق في حلقة «الاستبداد»، حيث تُعلَّق كل المؤسسات على أهواء قائدٍ حلّت الولاأت لشخصه محل التفويض الشعبي، صار من الملحّ فتح أفق سياسي جاد وشامل وذي مصداقية، لتفادي الفوضى التي تتهددنا.
وفي هذا السياق، فإن البيان المشترك الذي وقّعته ثلاثة أحزاب، من بينها حزبنا، للتحذير من أخطار قانون المناجم الجديد، قد لقي صدى إيجابيًا وأملاً حقيقيًا لدى المناضلين والمواطنين. وهو يبرز الطريق الواجب اتباعه: عمل جماعي، واضح وحازم، حيث تُوضع الوحدة والتوافق السياسي، بخاصة، في خدمة المصلحة الوطنية، ضد كل أشكال النهب وكل محاولات التفريط في ثروات البلاد. وعلى عكس ذلك، فإن الاستعجال في إصدار هذا القانون يؤكد أن سياسة تصفية موارد باطن الأرض أصبحت بديلًا عن التراجع المقلق في عائدات المحروقات.
إن جزائر اليوم تثير قلقًا عميقًا. فالعنف الاجتماعي يتضاعف في المدن والأحياء والقرى، يغذّيه مزيج متفجّر من التزمّت الديني المستغل، والدعوة العدوانية، وتفاقم آفة الإدمان. هذه الانحرافات تضعف روابط الثقة وتهدد التماسك الاجتماعي الذي يعاني أصلًا. ويجسّد قطاع التربية الوطنية هذا التراجع بشكل واضح. إن التسرّع في اتخاذ القرارات، وغياب الرؤية التحديثية، والتأثير المستمر للأيديولوجية الإسلاموية، كلها عوامل ترهن بشكل خطير مستقبل البلد. وملاحظة رئيس أركان الجيش حول هذا الانحراف لن تغيّر شيئًا من دون قرارات قوية. بالنسبة للأرسيدي، فإن الوعي يجب أن يُترجم بفتح نقاش واسع وشامل وبقرارات شجاعة وفورية تهدف إلى إعادة النظام، واسترجاع حياد المدرسة العمومية، واقتلاعها نهائيًا من أيدي قوى الرجعية.
اقتصاديًا، جاء التقرير الأخير للديوان الوطني للإحصائيات ليؤكد، بالأرقام، ما ظلّ الأرسيدي وأطراف أخرى ينددون به منذ سنوات: إن الاستعراض الإعلامي والوعود الجوفاء للسلطة قد لحقتها الحقيقة. احتياطي الصرف في تراجع، صادرات المحروقات في انخفاض من حيث الحجم والقيمة، والأرقام الكارثية للصادرات خارج قطاع النفط: كل المؤشرات تنذر بالخطر. وفي هذا السياق الانهياري، تظهر خطوة وزير التجارة وهيئة البنوك، بفرض برنامج استباقي للواردات على المتعاملين الاقتصاديين، كإجراء ترقيعي صغير يكشف عن تسيير مرتجل للأزمة من دون رؤية. هذه السياسة لا تزيد إلا في عرقلة الاستثمار، وشلّ النشاط الاقتصادي، وتفاقم التضخّم الذي صار لا يُحتمل بالنسبة للسكان.
كما تعبّر الأمانة الوطنية عن عميق تعاطفها مع العائلات المفجوعة إثر حادث الحافلة المأساوي الذي وقع بالحراش، والذي أودى بحياة 18 شخصًا وأسفر عن العديد من الجرحى. وتترحم على أرواح الضحايا كما تتمنى الشفاء العاجل للمصابين. ويندد الأرسيدي بقوة بمسؤولية الدولة التي تترك أسطولًا سيارًا قديمًا وخطيرًا يعمل، وهو رمز لتخليها عن البنية التحتية وغياب الرقابة الصارمة على وسائل النقل. إن السلامة على الطرق ليست قدرًا، بل واجب يقع على عاتق السلطات العمومية.
وعلى الصعيد الدولي، يدين التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بشدة استمرار العدوان الذي يشنّه الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وسط صمت متواطئ ومشين من القوى الكبرى. والآن، بعدما شرع نتنياهو وحكومته، بدعم من الكنيست، في احتلال آخر ما تبقى من أراضٍ فلسطينية – غزة والضفة الغربية – يتضح أن السابع من أكتوبر لم يكن سوى ذريعة لتجسيد مشروع «إسرائيل الكبرى»، الذي سهّلته غياب أيّ عقوبة من ممولي الأسلحة والذخائر والدعم بمختلف أنواعه.
أما دبلوماسيًا، فإن تصعيد التوتر مع فرنسا يمهّد لمنعطف خطير. فبغضّ النظر عن مسألة التأشيرات وبعض المواقف الرسمية الفرنسية إزاء جاليتنا، يعتبر الأرسيدي أن الحوار وحده كفيل بإعادة صياغة علاقة هادئة بين بلدين يمكن لعمق روابطهما التاريخية أن يغذّي ديناميكية إيجابية في التعاون.
وأخيرًا، فإن التجمع، الذي يواجه محاولات متكررة لحشره في خلافات عقيمة، يؤكد أن الديمقراطية ومستقبل البلد يكمنان في الدفاع عن التعددية الحزبية. إن الذين اختاروا، لسبب أو لآخر، التحرّر من صرامة الانتماء الحزبي لتشكيل أقطاب بلا حدود تنظيمية، هم أحرار في ذلك. لكن لن يكون المشترك في مركز بن عكنون الذي كان يشي بزملائه، ولا المحرضون على الانقلابات، من سيعطون دروسًا للتجمع. نحن نرفض أن تُعاد كتابة ذاكرة النضالات الديمقراطية وفقًا للمصالح الشخصية أو الأوامر السياسية. إن التضحيات التي قدمها مناضلونا لا تُباع ولا تُمحى أمام حملات الإهانات المُدبرة من الخارج. طموحنا يبقى هو توحيد الجهود لفرض انتقال ديمقراطي وإعادة بناء دولة تليق بتضحيات وآمال شعبنا، وتكون في مستوى الثروات الهائلة لبلادنا.
الجزائر، في 16 أوت 2025
الأمانة الوطنية للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية