Banner

الردّ على عبد الرزاق مقري : المغالطة باسم الاعتدال والخطاب البائس باسم الوفاق

الردّ على عبد الرزاق مقري : المغالطة باسم الاعتدال والخطاب البائس باسم الوفاق

من المؤسف أن نضطر إلى الردّ على نصّ يتّهم حزبنا، التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بـ-الاستئصال– و-التحريض الإيديولوجي-، بينما يغرق كاتبه في أسوأ أشكال التحريض الإيديولوجي المبطن، ويُعيد إنتاج خطاب التضليل والانقسام الذي اعتقدنا – ربما بسذاجة – أنّ الجزائر قد تجاوزته.

أولا: أين التشدد في موقفنا؟

حين عبّر مسؤول في حزبنا عن رأيه لتولي نائب ينتمي لتيار سياسي إسلاموي لرئاسة لجنة التربية في البرلمان، لم يكن ذلك نزوة شخصية ولا رجوعًا لخطاب « استئصالي » كما تدّعي، بل موقفا مبدئيا ينسجم مع رؤيتنا لقضية التعليم، التي نعتبرها مسألة سيادية تتعلق بمستقبل الأمة، وتتطلب الدفاع عن المدرسة الجمهورية، العلمية، العادلة، والمنفتحة، وليس تسليمها لتيارات إيديولوجية أثبت التاريخ – القريب قبل البعيد – كيف وظّفت المدرسة لنشر الفكر الظلامي والإقصائي.

ولمن يحتاج إلى تذكير، 321 من مناضلي وإطارات حزبنا قدّموا أرواحهم ثمنا لهذا الموقف في التسعينيات دفاعا عن الجمهورية، وكنّا على نفس هذا المبدأ عندما تولّى حزبكم رئاسة لجنة التربية سنة 2202، ولم نغيّر موقفنا من مبدأ عدم ترك التعليم رهينة بين أيدي تيار لا يخفي طموحه في تحويل المدرسة إلى أداة لتغذية مشروعه المجتمعي المغلق.

ثانيا: مقارنة عسلاوي ببلخير مغالطة مكشوفة

تسوية تعيين سيدة خبيرة مشهود لها في القانون والحقوق الدستورية، بقرار من رئيس الدولة، مع تعيين نائب ينتمي لحزب ذي مرجعية دينية لتسيير لجنة التربية – بناء على محاصصة حزبية – ليست سوى مقارنة مخادعة.

السيدة ليلى عسلاوي، بغض النظر عن انتمائها أو تصنيفاتكم، شخصية كفؤة، مشهود لها بالصرامة والالتزام بالمؤسسات، رغم تحفظنا حول التعيينات وطريقة تسيير هذه الهيئة الدستورية وقدمنا مقترح في هذا الشأن ، في حين أن استنكارنا – المشروع – لتعيين « إسلامي » على رأس لجنة التربية لا يتعلق باسمه أو سنّه، بل بالخلفية الفكرية للحزب الذي يمثله، والتي كانت وما تزال تهدد أسس الدولة الوطنية وتوظف الدين لأغراض سياسية ضيقة.

ثالثا: العودة إلى خطاب التسعينيات؟ بل العودة إلى الحقيقة

تزعم أن خطابنا « أعادنا إلى التسعينيات »، ونقول لك: لا نخجل من مواقفنا المبدئية آنذاك، ولا نعتذر على دفاعنا عن الجمهورية، وعن حق الجزائريين في دولة مدنية تُدار بالقانون، لا بالشريعة ولا بالخرافة. إنك تكتب وكأن الجزائر لم تعرف مجازر التسعينيات، وكأن من دمّر المدرسة والجامعة والمجتمع هم دعاة الحداثة، لا أولئك الذين غرسوا الإرهاب الفكري والجسدي في عقول الشباب.

رابعا: كفى ابتزازًا باسم « المصالحة »

نعم، صوّت الجزائريون على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ولكن لم يصوّتوا على نسيان التاريخ، ولا على إسكات الأصوات النقدية، ولا على التنازل عن الدولة لصالح من كانوا بالأمس القريب يحرّضون على قتل الديمقراطيين والمثقفين والمواطنين باسم « الدين ».

نحن لا نحاكم أحدا على نواياه، ولكننا نحتفظ بحقنا الكامل – والمشروع – في التعبير عن رفضنا لسياسات المحاصصة التي تُسند مناصب حساسة لأشخاص يمثلون تيارات تعارض صراحة أسس الجمهورية.

خامسا: من يروّض من؟

تتهم « الدولة » بأنها تروّض الإسلاميين بـ »القشور »، وتتهم « العلمانيين » بأنهم نافذون دون أن تجرؤ على تسميتهم أو فضح ما تسميه « اختراقاتهم ». الحقيقة أن تياركم هو من روّض نفسه، لا الدولة. أنتم من تخليتم عن المبادئ التي نادى بها الحراك (الحرية، السيادة الشعبية، العدالة)، وأنتم من استبدلتم مشروع الدولة المدنية بمشروع « مكان تحت السقف » كما اعترفتَ في نصّك.

سادسا: وأخيرا، من يُعيد الاستقطاب؟

الاستقطاب الحقيقي يعود عندما تُصنّف كل من يخالفكم بأنه من « الاستئصاليين »، وعندما تُحوّلون كل اختلاف فكري إلى مؤامرة. الاستقطاب يعود عندما يُكتب مقال طويل فقط لتبرير تعيين حزبي في لجنة تقنية، بتلك العبارات المليئة بالشكوى والاتهامات والحنين إلى الضحية.

أما نحن، في الأرسيدي، فنقولها بصراحة: لسنا ضحية، ولن نكون جلادا، نحن حزب اختار الوضوح في الخطاب، والجرأة في الموقف، والوفاء لتاريخ نضالي لا يخجل من الدفاع عن المدرسة الجمهورية، وعن الحريات، وعن دولة مدنية، ديمقراطية، تحترم التعددية، لا توظفها لتجميل وجه مشروع شمولي ماضوي، مهما لبس من لبوس الاعتدال.

الجزائر، 09 جويلية 2025

عثمان بن الصيد

الامين الوطني للتربية في الأرسيدي

Autres actualités

Focus Vidéo

Contribution

Rejoindre le RCD

Scannez moi

Boîte à Idées

Archives du site