Banner

خطر العمل التخريبي على تمثال عين الفوارة بسطيف على قيم التعايش والتسامح، والتأسيس للفكر التكفيري وخطورته على قيم الجمهورية

خطر العمل التخريبي على تمثال عين الفوارة بسطيف على قيم التعايش والتسامح، والتأسيس للفكر التكفيري وخطورته على قيم الجمهورية

يشكل الاعتداء المتكرر على تمثال « عين الفوارة » في مدينة سطيف الجزائرية، ليس فقط عملاً تخريبياً يستهدف معلمًا تاريخيًا وثقافيًا، بل يمثل أيضًا تهديدًا صريحًا لقيم التعايش والتسامح التي تمثل جزءًا أساسيًا من النسيج المجتمعي الجزائري. فمثل هذه الأفعال لا تنفصل عن خلفيات إيديولوجية متطرفة، تنبع غالبًا من الفكر التكفيري الذي يسعى إلى فرض نمط أحادي من التدين والتفكير، ويرفض الاختلاف بكل أشكاله.

تمثال عين الفوارة، الذي أُنجز في أواخر القرن التاسع عشر، أصبح رمزًا ثقافيًا وتاريخيًا لمدينة سطيف، بل ومعلمًا يُجسد تلاقحًا بين الحضارات، ويُعبر عن روح الانفتاح الفني والجمالي. أما محاولة تدميره، كما حصل في عدة مناسبات، فهي ليست فعلًا فرديًا معزولًا، بل ترجمة لفكرٍ متطرفٍ يرى في الفن والجمال تهديدًا لعقيدته الجامدة، ويؤمن بإقصاء كل ما لا يتماشى مع رؤيته الضيقة.

هذه الاعتداءات تُكرّس منطق الرفض والتكفير والعنف الرمزي، وهي تؤسس لفكرٍ ظلامي يهدد قيم الجمهورية الجزائرية، القائمة على حرية التعبير، واحترام الموروث الثقافي، والعيش المشترك. فالفكر التكفيري لا يكتفي بالتحريض على الكراهية، بل يُشرعن العنف باسم الدين، ويُحول الفضاء العمومي إلى ساحة صراع بدل أن يكون ميدانًا للحوار والتنوع.

كما أن استهداف رموز الفن والمعالم الثقافية هو خطوة أولى نحو استهداف الإنسان نفسه؛ إذ أن من يكفّر التمثال اليوم قد لا يتردد في تكفير الإنسان غدًا، ما يعني تهديدًا مباشرًا لأمن المجتمع وسلمه الأهلي.

في ضوء ذلك، تبرز الحاجة إلى تحصين المجتمع، وخاصة فئاته الشابة، ضد الفكر المتطرف، من خلال التربية على قيم التعدد، والقبول بالآخر، وحماية الرموز الثقافية التي تمثل الذاكرة الجماعية. كما أن مسؤولية الدولة والمجتمع المدني والإعلام تبقى محورية في التصدي لهذا الانزلاق الخطير نحو الفكر الإقصائي، الذي لا يهدد فقط التماثيل، بل يهدد جوهرالدولة الوطنية.

الأستاذ عثمان بن الصيد

Autres actualités

Focus Vidéo

Contribution

Rejoindre le RCD

Scannez moi

Boîte à Idées

Archives du site