بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، يُحيّي التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية كلّ من جعل من الإعلام فعلًا شجاعًا ومواطَنًا. كما يحيّي الصحفيات والصحفيين، والمحررين، والفنيين، وكل العاملين في قطاع الإعلام الذين يواصلون، رغم الهشاشة والقيود، الدفاع عن حقّ الإعلام وحقّ الشعب في المعرفة.
منذ انفتاح المجال الإعلامي في بداية تسعينيات القرن الماضي، عرفت الصحافة الجزائرية مراحل من الجرأة والمقاومة والتضحية. فقد واجهت الرقابة والإرهاب الإسلامي وضغوط السلطة بمختلف أشكالها. ودفع كثيرون حياتهم ثمناً لتشبّثهم بالحقيقة، خصوصًا خلال “العشرية السوداء”، حين استهدفت الجماعات الإرهابية الإسلاموية العديد من الصحفيين في محاولة لإسكات حرية الفكر والتعبير.
غير أنّ هذه الصحافة، التي كانت يومًا حيّة ومتعدّدة الأصوات، تمرّ اليوم بأحد أحلك فصول تاريخها. فمنذ مجيء النظام القائم في 9102، تصاعدت القيود المفروضة على حرية الصحافة: حجب مواقع إخبارية، وتعليق صدور صحف، وابتزاز بالإشهار العمومي، ومحاكمات سياسية وسجن تعسفي. يُضاف إلى ذلك التعليمات غير المعلنة بمقاطعة نشاطات المعارضة الديمقراطية، وفي مقدّمتها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في محاولة واضحة لإسكات كلّ صوت نقدي وتهميش النقاش العمومي.
إنّ خضوع جزء من الصحافة لمنطق السلطة، والرقابة الذاتية المفروضة بفعل الخوف أو التبعية الاقتصادية أو اليأس، كلها عوامل تُسهم في إفراغ الساحة الإعلامية الوطنية من حيويتها ومن دورها في تنوير المواطن. وقد ترك هذا الانغلاق فراغًا يملؤه اليوم عدد من المواقع والمنصّات الأجنبية التي باتت، في ظل غياب إعلام حر في الجزائر، تؤثّر في الرأي العام الوطني خارج أيّ رقابة أو سيادة ديمقراطية.
ويُذكّر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وبقوة، أنّه لا يمكن لأيّ ديمقراطية أن تزدهر من دون صحافة حرّة، مستقلة ومسؤولة. فقد ندد الحزب دائمًا بقمع الصحفيين، وتجريم الرأي، وضغط الإرهاب الإسلامي، والسلطة المستمرة بمختلف تجلياتها. كما يُجدّد التأكيد على ضرورة إعادة بناء شاملة للإطار القانوني والتنظيمي للإعلام، تضمن حرية الإعلام، وإلغاء الطابع الجنائي عن قضايا النشر، وضمان الشفافية في توزيع الإشهار العمومي، وإنشاء هيئة ضبط مستقلة عن السلطة التنفيذية.
الصحافة الجزائرية لا تطالب بامتيازات، بل بحقّها في الوجود، وفي طرح الأسئلة، والمساهمة في بناء دولة القانون. وفي هذا اليوم، 22 أكتوبر، ينحني التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إجلالًا لذكرى الصحفيين الذين سقطوا برصاص الإرهاب الإسلاماوي، ويعبّر عن تضامنه مع الذين يتعرّضون اليوم للقمع أو لمحاولات إسكاتهم.
إنّ مستقبل الوطن مرهون بقدرته على تحرير الكلمة، وحماية من يجسّدونها، وإعادة الاعتبار للصحافة كركيزة أساسية للديمقراطية.
من أجل جزائر حرة، عادلة ومستنيرة، لندافع جميعًا عن حرية الصحافة.
الجزائر، في 22 أكتوبر 2025






















